Monday, September 04, 2006

قراءة في دفاتر لم تكتب بعد في الحرب السادسة -1

جديدة هي بكل المقاييس تجربة الثلاثة و ثلاثين يوما من المقاومة و الصمود و الكبرياء على تاريخنا العربي المعاصر، و من ثم فإن التسرع في إصدارالأحكام و بلورة الرؤى و إسهاب التحليلات قد تكون كلها غير ذات جدوى سواء في شكلها أو في مضمونها.

و لعلي أدعي أن إطار الإدراك العربي في تاريخه المعاصر و بالتحديد في نصف القرن الماضي و ما أفرزه من مفاهيم و أدوات تحليل شكلت خطاب المثقف العربي لا تستطيع جميعها أن تتعامل مع حجم و مضمون ما تم في الثلاثة و الثلاثين يوما، فأدوات تحليلنا كانت و لا زالت في معظمها أدوات رد فعل لهزائم و انكسارات متتالية تبحث عقب الهزائم و الانكسارات عن أسباب لتلك الهزائم و عن متهمين وراء الانكسارات و بالتالي كان الخطاب في مجمله خطابا نقديا يتصف بجلد الذات أو جلد الآخرين. و أدوات تحليل بهذه الصفة لا يمكنها أن تتعامل أو تصلح لفهم ما حدث في الأيام الثلاثة و الثلاثين و بالتالي قد نكون في حاجة لإطار إدراكي مختلف و أدوات تحليل مختلفة تعين على فهم ما حدث و استقراء تداعياته.

فلا بد لنا من إعمال أدوات إبداعية تساعدنا على تخيل ماذا يمكن أن يحدث للتحالف الأمريكي الإسرائيلي لو تكرر ما حدث في الثلاثة و ثلاثين يوما مرة أخرى أو مرتين. هل يمكن أن يحدث ذلك شرخا في قناعة أمريكية راسخة عبر الزمن و أكدتها الهزائم العربية المتتالية بأن إسرائيل هي الأمين القوي الحارس للمصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة؟ و هل لشرخ آخر أن يتبلور في الوعي الاسرائيلي الجمعي حول الدولة الحصينة التي لا تقهر؟ و هل يمكن لذلك الشرخ أن يتعمق و يزداد اتساعا بشكل يجعل إسرائيل مهيئة نفسيا لفكرة السلام و هو ما قد يعطي جهود السلام فرصة حقيقية و أصيلة قد تكون هي الأولى من نوعها منذ نشأة إسرائيل و حتى الآن؟

هل يمكن لتداعيات بهذا الحجم و الأثر أن تتبلور و تتطور في الزمن المنظور؟ أعتقد أنها في مجملها جديرة بالحوار و التحاور بدلا من انغلاق الفكر و المفاهيم و أدوات التحليل داخل أسوارها التقليدية المجسدة في فكر المؤامرة أو التصنيفات أو خلافات الأيديولوجيا.

تداع آخر لعله هو أيضا جدير بنقاش و مناقشة و هو كيف تمكن حزب الله من امتلاك زمام المبادرة طيلة الثلاثة و ثلاثين يوما من المواجهة مع الآلة العسكرية الإسرائيلية و كيف أدى ذلك إلى إفقاد المخطط الإسرائيلي لتوازنه و دفعه إلى جملة من ردود الأفعال العصبية المتتالية. ماذا لو انتقل زمام المبادرة و تحول إلى منحى و توجه في مجالات السياسة العربية الرسمية و في مجالات العمل الشعبي العربي و في مجالات الاقتصاد و في مجالات الثقافة مجسدة في مبادرات التجديد الفكري و الإبداعي. إن امتلاك زمام الفكر و المبادرة و ما أحدثه من آثار إيجابية حددت و حسمت مسار المواجهة هو المسؤول الأول عن إطالة مدة الحرب لفترة أطول بكثير جدا مما توقعه الإسرائيليون و حلفاؤهم من خارج المنطقة و داخلها
هاتان فكرتان حول التداعيات الممكنة التي لم تحظ بالانتباه أو الاهتمام من قبل محللينا و مفكرينا ستتلوهما أفكار أخرى مما لم يطرق بعد رغم أهميته القصوى و في هذا الوقت بالذات.

1 comment:

Mahmoud Gebril said...

الأخ المصري الغاضب

إن أنظمتنا هي نتاج وضعية التخلف و كل منا له دور في اقلضاء على التخلف داخل نطاق سيطرته حيث يملك قدرة على التأثير
أقدر لك مشاعرك الصادقة و أتمنى أ، نتكاتف جميعا لما فيه خير هذه الأمة و نتحول من القدرة على الغضب إلى القدرة على الفعل و من اليأس إلى البأس

محمود